نقطة النهاية

Publié le par الخط الأحمر

بقلم: خالد أوراز*

 

يولد الإنسان حاملا معه في قلبه خزانا للحقد والكراهية والنفاق، وكلما ازداد في العمر يكون أمام خيارين اثنين إما التخلص من هذا الخزان بصفة نهائية وإما الاحتفاظ به لطول العمر، ليعيش الإنسان بقلب مريض.

في فترة الطفولة يستعمل الطفل هذا الخزان بدون شعور فيحقد على زميله في الدراسة ويكره المعلم الذي يضربه وينافق أمه بسرقة بعض قطع الحلوى.

لكن عندما يصل الطفل إلى سن رشده، يبدأ في التمييز بين الصالح والطالح وبين الصحيح والخاطئ، ليكتشف إذ ذاك في قلبه خزانا لا يغني في شيء فيبدأ سالكا أول خطوة لتخلص منه..  يقول مع نفسه إن قلبي  في حاجة إلى الإيمان أكثر منه من شيء آخر.. لن يرضى بأن يبقى قلبه مريضا لطول عمره إن كان يريد أن يحقق السعادة في حياته، مكتشفا أن السعادة والنفاق والكراهية عناصر لا يمكن لها أن تجتمع في قلب واحد. هنا يبدأ الإنسان في تحديد مسار حياته فإما أن يكون صادقا مع الجميع وإما أن ينافق الجميع، فالنفاق والصدق لا يجتمعان في قلب إنسان واحد.

 الذي يختار النفاق طريقا يحرم نفسه من السعادة منذ اليوم الأول، فقد تراه يضحك طوال ساعات يومه دون أن يحس بالسعادة من أعماق قلبه لكونه ليس مخلصا في ضحكه. هذا الشخص يبدو على صورة غير صورته الحقيقية، هذا هو النفاق تماما أن تبدي للناس صورة غير صورتك الحقيقية. فكم هو جميل أن يعيش الإنسان سعادته بإخلاص وينام على جنبه مرتاحا دون أن ينافق أحدا، قد تأكل الخبز الحافي وتمشي حافي القدمين وتحس بالسعادة في حياتك وقد تعيش في البذخ بدون ذلك، فقط لأن قلبك ليس على ما يرام.

هناك بعض الأشخاص الذين يمكن أن تكتشف نفاقهم لك منذ اليوم الأول أي منذ اول لحظة تلتقي فيها بهم، وهناك بعض الأشخاص الآخرين الذين قد تعيش معهم لطول عمرك وينافقونك لتلك الفترة كلها دون أن تشعر بذلك.

فمعظم العلاقات بين الأشخاص غالبا ما تنتهي بسبب النفاق، في اليوم الذي سيكتشف فيه الآخر أنك مجرد منافق سيضع نقطة النهاية معك. فعلى سبيل المثال هناك العديد من علاقات الزواج التي غالبا ما تنتهي بالفشل وهناك من يتزوج امرأة ويعيش معها ما يفوق عشر سنوات، يلد معها ثلاثة أو أربعة أطفال وبعد ذلك يفسخون العقد الذي جمع بينهم، لماذا؟ فقط لأن أحدهم كان ينافق الآخر. قد يكون الأمر خيانة زوجية وقد يكون الفراق بسبب الفقر... لكن أكيد أنه لن يلجأ إلى الخيانة إلا من ينافقك أما من يحبك فسيعيش معك رغم فقرك لأن الذي جمعكما منذ اليوم الأول هو من يرزق من يشاء بغير حساب، ولا أحد على وجه الأرض مات في يوم من الأيام جوعا.

هنا يكون الفراق الذي يسببه النفاق. فتجد بعض الأسر مشردة والأبناء يتسكعون في الشوارع فتتفشى ظاهرة أطفال الشوارع، كما تنتشر ظاهرة التسول والسرقة وتعرض سبيل المارة والسكر العلني والقتل. كل هذه الظواهر التي نعاني منها منذ زمن طويل، وتبحث لها الدولة عن حل منذ قرون، سببها كلمة بسيطة لا أحد يبالي بها لكنها ضخمة من حيث المشاكل التي تسببها في الحياة الإنسانية بصفة عامة، هذه الكلمة هي "النفاق".

لسوء حضنا أننا نتعلم النفاق بدون شعور وذلك منذ طفولتنا، لذلك ورثنا هذه الأمراض التي نعاني منها اليوم ولا نجد لها دواء بقدر ما نجد أناسا يزيدون الداء داءا.

فمن فضلكم ضعوا النفاق جانبا إن كنتم تودون العيش في سعادة، وضعوا نقطة النهاية مع من ينافقكم ليتعلم دروسا في الصداقة والمحبة.

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article